صعود الأکراد.. والخيار العربي منار الرشواني
منار الرشواني
وحقيقة هذه العداء الإقليمي، قد تخلق شقاقا٠مً ونزاعا٠مً موجودين أصلا٠مً بين الأکراد أنفسهم، کما تجلى ذلک لسنوات طويلة في العراق مثلا٠مً، بين حزبي "الاتحاد الوطني الکردستاني" بقيادة جلال طالباني، و"الديمقراطي الکردستاني" بقيادة مسعود برازاني. إذ ليس من المتوقع أن يضحي إقليم کردستان العراق بإنجازاته وعلاقاته المتميزة مع ترکيا التي تکاد تکون رئته الاقتصادية، لأجل مطامح کردية ترکية وسورية. وکذلک استعداء إيران علانية في حال محاولة أکراد إيران استلهام تجارب أقرانهم في دول الجوار. بل قد يکون أقرب للتوقع أن تصبح الأقاليم الکردية شبيهة بالدول العربيةØ› تتغنى بکل عناصر الوحدة، لکنها ترفع في مواجهة بعضها شعار "إذهب أنت وربک فقاتلا"، هذا إن لم تتناحر هذه الأقاليم، تماما٠مً کما الدول العربية أيضا٠مً.
صعود الأکراد.. والخيار العربي إنه زمن الأکراد! فبعد دولة کردستان في العراق، والتي استفادت -بالنتيجة- حتى من ظهور تنظيم "داعش"، للتمدد نحو مناطق "متنازع عليها" مع حکومة بغدادØ› لم يعد ممکنا٠مً إنکار تشکل ملامح إقليم کردي سوري مستقل، مدعوم بغطاء جوي أميرکي (دونا٠مً عن کل فصائل المعارضة السورية)، وإن کان المقاتلون الأکراد بقيادة أولئک المفترض أنهم على قوائم الإرهاب الأميرکية. أما ما لا يتحقق بالسلاح، فتحققه الديمقراطية في حالة ترکيا، والتي منحت، مؤخرا، حزب الشعوب الديمقراطي (الکردي) ثمانين مقعدا٠مً في البرلمان الترکي. ولا يبقى متخلفا٠مً عن هذا الصعود الکردي الإقليمي إلا إيران، والتي وحدها من عرفت دولة کردية في السابقØ› جمهورية مهاباد، في العام 1946 (لمدة أحد عشر شهرا٠مً). لکن مثل هذا الصعود لا يمکن أن يکون -بخلاف الانطباع اللحظي السائد الآن- إلا خبرا٠مً سيئا٠مً للأکراد أنفسهم، في ظل المعطيات القائمةØ› من حقيقة أنه صعود لا يؤدي إلا إلى توحيد کل الفاعلين الإقليميين ضدهم. فإيران -وتلقائيا٠مً حکومة بغداد وبقية نظام الأسد، الخاضعين لها- وترکيا، قد تختلفان على کل شيء، إلا رفض إقامة دولة کردية، حتى خارج أراضيهما وإنما على حدودهما، لأن هذه الدولة ستظل ملهمة لمواطنيهما الأکراد نحو مزيد من الاستقلال، أو أقلها الحقوق والامتيازات. وفي الحالة الترکية تحديدا٠مً، فإن "العدالة والتنمية"، بکل الإصلاحات التي أدخلها بشأن الاعتراف بالأکراد وحقوقهم، لا يخفي مشاعره تجاه أي خروج کردي عن المسار المطلوب ترکيا٠مً، لأسباب ترتبط بالاقتراب من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو حقن الدماء وتحقيق إنجاز سياسي. کما يظل "العدالة والتنمية" هو الأقل عداء مقارنة بحزب "الشعب الجمهوري" و"الحرکة القومية" المتواجدين أيضا٠مً في البرلمان الترکي، ويرفضان أي مصالحة مع عبدالله أوجلان وحزبه "العمال الکردستاني"، إن لم يکن مع الأکراد عموما٠مً. وحقيقة هذه العداء الإقليمي، قد تخلق شقاقا٠مً ونزاعا٠مً موجودين أصلا٠مً بين الأکراد أنفسهم، کما تجلى ذلک لسنوات طويلة في العراق مثلا٠مً، بين حزبي "الاتحاد الوطني الکردستاني" بقيادة جلال طالباني، و"الديمقراطي الکردستاني" بقيادة مسعود برازاني. إذ ليس من المتوقع أن يضحي إقليم کردستان العراق بإنجازاته وعلاقاته المتميزة مع ترکيا التي تکاد تکون رئته الاقتصادية، لأجل مطامح کردية ترکية وسورية. وکذلک استعداء إيران علانية في حال محاولة أکراد إيران استلهام تجارب أقرانهم في دول الجوار. بل قد يکون أقرب للتوقع أن تصبح الأقاليم الکردية شبيهة بالدول العربيةØ› تتغنى بکل عناصر الوحدة، لکنها ترفع في مواجهة بعضها شعار "إذهب أنت وربک فقاتلا"، هذا إن لم تتناحر هذه الأقاليم، تماما٠مً کما الدول العربية أيضا٠مً. بالنتيجة، فإن حقيقتي الصعود الکردي، المتناسب طرديا٠مً مع العداء الإقليمي، هما ما يجب أن يکونا الحاکمين في التعامل مع الأکراد، وتعاملهم مع مواطنيهم أو جوارهم. فلم يعد خيارا٠مً عربيا٠مً التنکر للأکراد، أسوة بکل المکونات الوطنية الأخرى، کما فعلت الأنظمة "القومية" لعقود. تماما٠مً کما لا يستطيع الأکراد الاعتقاد بأن الصراع الآن لعبة صفرية، ضد العرب في العراق وسورية تحديدا٠مً، يمکن أن يفوزوا فيه جغرافيا٠مً لوقت ما، قبل أن يتحولوا إلى أقاليم محاصرة وفق أفضل الظروف، تخوض حرب استنزاف خاسرة في النهاية. فالخيار الکردي منطقيا٠مً هو خيار عربي، بالانفتاح والتصالح والتعاون، وفق صيغة ترضي الطرفين.جريدة "الغد"، http://www.alghad.com/articles/877380-%D8%B5%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A?s=a52f8bcff9e1edbcd6db96b5f0a538c1