العرب و التحدي الايراني اکرم بالانی
اکرم بالاني
و الآن و بعد ان استطاع الفرس انشغال العرب بصراعات داخلية طائفية و غير طائفية، بدأت حقائق وجود تفاهمات و تواصلات ايرانية-غربية غير معلنة و خفية عن العرب کل هذه السنوات تظهر و تتکشف للعيان ايضا. فقد بدأت الدول الغربية
العرب و التحدي الايراني اکرم بالانی لم يعد يخفى على احد التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية و المحاولات الدؤوبة للنظام الفارسي لخلق الفتنة و الفوضى في العالم العربي. هذه الاستفزازات الايرانية التي تقف وراءها حقد قومي فارسي لطالما کان الهدف منها هو تمزيق النسيج والتماسک الاجتماعي عند العرب لاضعافهم و اخضاعهم للهيمنة الفارسية و استرجاع ما يعتبرها الفرس امجاد اجدادهم التي فقدوها نتيجة هزيمتهم التاريخية في معرکة القادسية. فور وصوله للحکم، بدأ الخميني بالاتصال بجهات طائفية في الدول العربية بدءا بالعراق مرورا بلبنان فالبحرين و سوريا و اليمن و حتى الکويت و السعودية و حثهم على تشکيل حرکات و احزاب طائفية و مدهم بالمال و السلاح و العتاد. ثم قام النظام الايراني بفتح جبهة اخرى الا وهي الحرب الاعلامية حيث أنشأ فضائيات ناطقة بالعربية لغسل أدمغة المواطنين العرب باکذوبة المقاومة و الممانعة. ان عدم وجود استراتيجية عربية موحدة لتعامل مع الخطر الايراني کان و مازال العامل الرئيسي الذي ساعد و شجع الايرانيين حتى الآن على تحقيق الکثير من اهدافهم الشريرة في العالم العربي. لقد اعتمد النظام الخميني منذ اليوم الاول استراتيجية خير وسيلة للدفاع هي الهجوم في الوقت الذي کان العرب و مازال و للأسف الکثير منهم يؤمنون بسياسة الانفتاح و الدبلوماسية في التعامل مع العدو الايراني. و الآن و بعد ان استطاع الفرس انشغال العرب بصراعات داخلية طائفية و غير طائفية، بدأت حقائق وجود تفاهمات و تواصلات ايرانية-غربية غير معلنة و خفية عن العرب کل هذه السنوات تظهر و تتکشف للعيان ايضا. فقد بدأت الدول الغربية و على رأسهم امريکا و حتى اسرائيل تتفاوض مع الايرانيين لايجاد تسوية و تفاهمات جديدة لتوزيع الادوار السياسية و السيطرة و مناطق النفود في الشرق الأوسط الجديد، و کل هذه و للاسف على حساب حقوق و مصالح العرب. ان ما أوصل العرب الى هذه الحالة و جعلهم قاب قوسين أو أدنى من الخروج من المعادلة السياسية للشرق الاوسط الجديد هو غياب خطط استراتيجية لدى الدوائر الرسمية العربية لتعامل مع التحدي الأيراني هذا في الوقت الذي کان و ما يزال عند العرب الکثير من الأوراق المهمة و الفعالة لاستخدامها لردع ايران بل ولاضعفها و وضع حد لعنهجيتها. ما لا يمکن فهمه الى هذه اللحظة هو لماذا لا يقوم العرب باستغلال و استخدام ورقة الأقليات القومية و الدينية و الطائفية في ايران و جعلها بوابة للتدخل في شؤونها الداخلية و زعزعة استقرارها وانشغالها بصراعات داخلية لاضعفها و جعلها اضعف من أن تکون بمقدورها حتى التفکر بالاساءة الى العرب? حيث کما هو معلوم لدى الجميع ان التنوع القومي والديني و الطائفي في ايران اکثر بکثير من ما هو عليه الحال في العالم العربي، اذ ان القومية الفارسية المسيطرة على حکم ايران و باعتراف وزير التربية الايراني تشکل اقل من ٣٠ % من مجموع عدد سکان ايران و هم متمرکزون في محافظات و مدن محدودة الجغرافية و محاصرة باقاليم کوردستان و احواز العربية وبلوشستان وترکمنصحراء و أذربيجان. و کما لا يخفى على احد ان هذه الشعوب غير الفارسية اللتي تعاني من الاضطهاد والتمييز العنصري و القتل و الاعدامات من قبل حکام الفرس لها تاريخ طويل من النضال و الکفاح المسلح ضد الاحتلال الفارسي لاراضيهم. فلو وجدت هذه الشعوب الغير الفارسية و حرکاتها التحررية المقاومة للاحتلال الفارسي الحضن و الدعم العربي لاصبحت ايران جسدا مشلولا غير قادرة حتى على الحفاظ على وحدتها الترابية ناهيک عن عدم قدرتها للتدخل في الشوون العربية. هذا ما يجعلنا أن نجدد النداء للأنظمة و الحکومات العربية و خصوصا الخليجية منها لفتح قنوات التواصل مع هذه الحرکات السياسية الغير الفارسية و توفير الدعم السياسي والاعلامي والمالي لها لتقوم بتلقين الايرانيين درسا جديدا من دروس القادسية.