المعارضة و النظام في کفتي ميزانصحيح أن الثورات لا تمارس الديمقراطية في بداياتها و لکنها لا تتنکر لحقوق الآخرين و خاصة إذا کان الآخرين أخوة في الإنسانية و الدين و شرکاء في الوطن و لکنهم يتکلمون لغة أخرى و ينتمون لقومية أخرى، و حتى تکتمل الصورة بوضوح أکثر فقد شارک جميع أطياف الشعب السوري منذ البداية بالثورة ، فالثورة التي قامت من أجل رفع الظلم عن أبناء الوطن يجب أن لا تبخل عليهم حقوقهم المشروعة، و المطلوب هو وضع النقاط على الحروف و يعرف کل ذي حق حقه، و خاصة أن هدف الجميع هو اسقاط النظام و بناء الدولة المدنية الحديثة و العادلة و لکن الثورة لا تنتصر بمجرد سقوط النظام الأسدي بل تکتمل ببناء المؤسسات و الحذر من إقامة نظام شبيه و لکن تحت شعارات أخرى.إن ما جرى في سوريا من حراک ثوري کان أمرا٠مً طبيعيا٠مً من جميع النواحي سواء کانت إنسانية أم أخلاقية أم سياسية، ولکن التحولات الدراماتيکية في مسار الثورة السورية کان أکبر من طاقة الإستيعاب و الفهم سواء کان الفکري أو الأيديولوجي أو حتى بين الجمع الحراکي محرک الثورة السورية و التي بدت منذ الوهلة الأولى متفائلة أکثر من اللازم في الأوساط الثورية و الجماهيرية و خاصة بعد ما يقارب السنتين على عمر هذه الثورة الشعبية إلا أنه هناک تطورات کثيرة حصلت أدت إلى بلورة أيديولوجيات لا تنتمي إلى الواقع السوري و أهداف ثورته بشئ البتة.بعد کل هذا القتل و التدمير و التخريب الممنهج لم تستطع قوى المعارضة السورية من بناء الثقة فيما بينها،و بدأت و لا زالت مضطربة و تمارس الخطاب البدائي و النقيض معا٠مً بدون أية مرجعية و لم تتمکن من الحصول على شرعية شعبية حقيقية سوى رفع شعارات مؤيدة لهذا و ذاک بشکل مؤقت و حسب المزاجية المناطقية و العشائرية و القبلية و العائلية و الولاءات و التحالفات بعيدا٠مً عن الواقعية و متطلبات الجماهير الثائرة.فالقوى المعارضة لم تستطع حتى الآن في استيعاب بعضها البعض و لم تميز بين ما لها من حقوق و ما عليها من واجبات في هذه المرحلة لأنها موجودة أصلا٠مً داخل فکر حزبي أو سياسي ضيق ، و هذا السياسي المتزمت الذي يقود هذا التيار أو ذاک لم و لن يستطيع الخروج من هذه الأطر و الأفکار التي تلزمه بنهجه الحزبي البالي في عدم الإعتراف بالآخر و الإصرار على صحة نهجه السياسي و تنفيذ إملاءات الآخرين، حتى إن الأمر تطور إلى أن أصبح نوعا٠مً من الثأر بين الثائرين أنفسهم کما حصل في مدينة رأس العين( سري کانيه) بين عصابات مدعومة ترکيا٠مً و بين أهالي المنطقة.لم تستطع الحرکة السياسية المعارضة السورية من التخلص من الفکر الأحادي الإتجاه و التحسس عند مناقشة حقوق الآخرين من الشعب السوري و خاصة الشعب الکردي الذي لم يشعر في يوم من الأيام بجدية الطرف الآخر في الوقوف عند قضاياه و حقوقه و يتلمسها و يشعر بها بحق أو حتى العمل على إعادة بناء الثقة المفقودة بل على العکس من ذلک عندما يتعلق الأمر بالکرد و قضيتهم يعملون على التغطية عليها بالتشويش و التخبط حينا٠مً أو التحجج في تأجيل هذه القضايا إلى ما بعد إنجاز الثورة و هو ما لم يصدقه أحد لأنه يعتبر تملصا٠مً من المسؤولية و التهرب من استحقاقات المرحلة و القفز على المتغيرات و هو ما سيؤدي من وراء هذا الإرجاء و هذا التفکير العنصري إلى ضياع المسألة و تداعيها في نظرهم.إن الطريق الذي سار عليه المجلس الوطني السوري و من بعده الإئتلاف الجديد في التنکر لحقوق الکرد و التذرع بالوقت و الزمان ما هي إلا حجج واهية و هو ما يؤدي إلى تهديد السلم الإجتماعي و السياسي في سوريا بعد سقوط النظام و هذا ما سوف يؤدي إلى فتح شهية العنصريين و النازيين الجدد في تنفيذ مشاريعهم و أجنداتهم التي لا تخدم الوطن بأي شکل من الأشکال.