سوريا- خيارات شعب محاصر
مروان سليمان
سوريا- خيارات شعب محاصر
أصبح القتل في سوريا مسألة روتينية و عادية، کل يوم نقرأ الأخبار و نمر على القتلى مرور الکرام و نترجمها بلغة الأرقام فقط دون الإکتراث، لقد فقدت المشاعر و الأحاسيس الإنسانية من الحياة في عالم لا يهمه سوى لغة المصالح، و أقتلعت الرحمة من القلوب، و أصبح الدمار و الخراب هدفا٠مً.
أصبح القتل في سوريا مسألة روتينية و عادية، کل يوم نقرأ الأخبار و نمر على القتلى مرور الکرام و نترجمها بلغة الأرقام فقط دون الإکتراث، لقد فقدت المشاعر و الأحاسيس الإنسانية من الحياة في عالم لا يهمه سوى لغة المصالح، و أقتلعت الرحمة من القلوب، و أصبح الدمار و الخراب هدفا٠مً.کل يوم تتحقق الإنتصارات لهذا الطرف أو ذاک، أو أنهم يزعمون کذلک و يدفع ثمنها الفقراء و المساکين و السکان المدنيين الذين هم ضحايا سلطة متشبثة بالحکم دون الإکتراث بما يحصل للشعب المغلوب على أمره من قتل و تهجير و تخريب ممنهج تحت مرأى و مسمع العالم الذي يذرف دموع الکذب و الغش في مسرحيات هزلية على شکل مؤتمرات خادعة و مغشوشة يستعملونها کمسکينات للسوريين باسماء کبيرة و لکن دون فعل حقيقي على الأرض( أصدقاء سورية- منطقة حظر جوي- مساعدة الثوار مرة بالمناظير و تارة بالسلاح) .....الخ، حتى أصبح الشعب السوري يکره اسم المؤتمرات أو سماعها، و في النهاية يبدو أن جميع القوى الدولية و العصابة الأسدية متفقون على دمار الوطن و خراب المدن و قتل و تهجير السوريين، و المجتمع الدولي يعمل على إطالة عمر النظام من خلال المبعوثين الأمميين و العرب الذين يمهلون النظام الفرصة تلو الفرصة لقتل أکبر عدد ممکن من السوريين و تخريب و تدمير المدن السورية من بکرة أبيها حيث يعيد إلى الأذهان مجازر حماة و تدميرها على رؤوس سکانها و بالتالي فهم جميعا٠مً مشترکون في الجريمة، جريمة قتل شعب برئ يطالب بالحرية و العدالة و المساواة و الحفاظ على کرامته الإنسانية.بعد کل هذا التدمير الهائل و القتل اليومي لا يزال البعض من ضعاف النفوس المجردين من أخلاق المهنة و من مختلف المهن ( الصحافية و الفنية و السياسية) في تأدية وظيفة التبعية التي إبتعد عنها الشرفاء من أبناء الشعب و من جميع المراتب حتى العليا في الدولة ، في القيام بتلميع صورة الحاکم و تمسيح الجوخ ،و تطويع أنفسهم کشعراء للبلاط الرئاسي الذي لم يبق منه سوى إطلالة مؤلفة من مسند للظهر و يقوم على أربعة قوائم، مفروغ من المحتوى و المضمون و حتى بدون شعب، و أصبح الحاکم أسير طموحاته و رغباته في قصر دخله عنوة بدون وجه حق و لا يريد الخروج منه إلا محملا٠مً أو مسحولا٠مً و مضرجا٠مً بدمائه العفنة الملوثة بالجرائم التي يرتکبها أو التي إرتکبها من قبل، الذي حول الوطن إلى مستوطنة للخوف و أصبح اليوم أرض معرکة يتم فيها تخريب الوطن بشکل ممنهج، حيث تم نزع شعارات القومية و العروبة التي کان يتشدق بها و تم استبدالها بشعارات طائفية مقيتة کأيديولوجية بديلة له و التي قام عليها النظام أساسا٠مً منذ بدايته في السبعينات من القرن الماضي و کان عليه أن يضمرها خدمة لمصالحه الطائفية على المدى البعيد في نهب الوطن و إستعباد الناس على أمل الحفاظ بالحکم لمدد أطول.من الصعب أن يتفوق جيش الأسد على الشعب السوري المنتفض و الثائر، لأن الشعب أقوى من المدافع و الدبابات و الصواريخ التي تمتلکها الجيوش و لأن إرادة الشعوب لا تقهرها النار و لا ظلم الإستبداد و لا طغيان الحاکم الجهول بقوة الشعوب و إيمانها بأهدافها التي تسعى لتحقيقها من حياة کريمة حرة ذات طابع إنساني .لا يمکن لنظام أن يکون مقاوما٠مً و ممانعا٠مً و هو يحصي على الشعب أنفاسه و يبني السجون بدلا٠مً من المدارس، و المعتقلات بدلا٠مً من المستشفيات، و لا يمکن لنظام يرهب شعبه أن يکون إلا جبانا٠مً أمام عدوه، و لن يستطيع الإستمرار في الحکم من دمر المدن و القرى فوق رؤوس أصحابها، و لن يستمر حکم العائلة لمن سمح لحاشيته و عائلته بنشر الفساد و عمل على سلب و نهب البلد بينما يزداد الشعب السوري فقرا٠مً يوما٠مً بعد يوم، و لا بد من أن يحاسب کل من لطخت يداه بدماء هذا الشعب، و عمل على إسکات صوت الحق.لن يستطيع جيش أن يکون جيش دولة و هو يقوم على ثقافة القتل و التدير و القصف العشوائي بجميع صنوف الأسلحة على شعبه و أهله و يمارس عمليات السرقة و الإختطاف و الإغتصاب و التعذيب و القهر و الأهم من کل هذا أنه قائم على التبعية الطائفية، و إستمراره لهذه الفترة الطويلة من القتل و التخريب الممهنج دليل على ترکيبته الطائفية و العنصرية و طبيعته الإجرامية التي نشأ عليها.لقد إنتهى زمن العصابات الحاکمة و السلطات المافيوية و الحکومات العسکرية، و المنطقة في طريقها إلى تغييرات سياسية تقوم بها الشعوب من أجل تغيير واقعها بالقوة بعد أن يئست الشعوب و نفذ صبرها و ضاقت ذرعا٠مً من هذه الأنظمة و الحکومات و هي تنتظر التغيير بالطرق السلمية و الإنتقال إليها بالطرق الديمقراطية.أصبح الشعب السوري اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: أولها استمرار الحرب و دمار سورية و التخلص من حکم آل الأسد و يبدو أن هذا مصير الشعب السوري و قدره و لو طالبوا بالحرية بعد مائة سنة و ثانيها القبول ببقاء الأسد و هو ما يعد بمثابة إنتحار للشعب السوري لأن النظام أصبح قائما٠مً بقوة السلاح فقط.